المساهمات : 130 تاريخ التسجيل : 24/12/2010 العمر : 32
موضوع: سلسلة جواهر القرآن العدد 12 الأحد ديسمبر 26, 2010 4:52 am
¦:¦ بسم الله الرحمن الرحيم ¦:¦ ¦:¦ والصلاة والسلام على أشرف المرسلين ¦:¦
تمضي الأيـام .. لكن الذكرى تبقــى، الماضــي مضـى .. و المضارع يمضي لذلك فلنطـوي صفحـة الماضـي و لنبــدأ بصفحات بيضــاء جديــدة و لنــجعل من من الذكريات الــوانا في كتابنا و لنــملئ صــفاحتنا البيــضاء بســطور ذهبية تعــكس جمالها على منتــدانا هذا .. الحمـد لله وحده نحمده و نشكره و نستعـينه و نستـغفره و نعـود بالله مـن شـرور أنـفسنا و من سيـئات أعمالنا .. من يـهده الله فلا مظل لـه و مـن يظـلل فلن تـجد له ولياً مرشدا ..و أشـهد ألا إلاه إلا الله وحده لا شريك له و أن محــمداً عبده و رسـوله صــلى الله عليه و سلم و على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسـان إلى يوم الدين ..ربنا لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الـخـبــيـر .. ربـنـا لا فــهم لـنا إلا ما فهــمتنا إنــك أنـت الجــواد الـكـريـم . ربـي اشرح لي صــدري و يســر لي أمــري و احــلل عقــدة من لســاني يفقــهوا قــولي ..
¦:¦ أما بعد ¦:¦
فإن أصــدق الحــديث كــتاب الله تعــالى و خير الــهدي هــديُ سيـدنا محمد صلى الله عليه و سلم .. و شــر الأمــور مــحدثــاتها و كــل محــدثة بدعة و كل بدعـة ضلالة و كل ضلالة فــي النار .. فاللــهم أجــرنا و قــنا عذابــها برحمتــك يا أرحــم الراحميــن ..
الفصل الخامس
في انشعاب سائر العلوم من القرآن
ولعلك تقول ان العلوم وراء هذه كثيرة كعلم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعضائه وعلم السحر والطلسمات وغير ذلك.
فاعلم أنا انما أشرنا الى العلوم الدينية التي لا بد من وجود أصلها في العالم حتى يتيسر سلوك طريق الله تعالى والسفر اليه أما هذه العلوم التي أشرت اليها فهي علوم ولكن لا يتوقف على معرفتها صلاح المعاش والمعاد فلذلك لم نذكرها ووراء ما عددته علوم أخر يعلم تراجمها ولا يخلو العالم عمن يعرفها ولا حاجة الى ذكرها.
بل أقول ظهر لنا بالبصيرة الواضحة التي لا يتمارى فيها أن في الامكان والقوة أصنافا من العلوم بعد لم تخرج من الوجود وان كان في قوة الآدمي الوصول اليها وعلوم كانت قد خرجت الى الوجود واندرست الآن فلن يوجد في هذه الأعصار على بسيط الأرض من يعرفها وعلوم أخر ليس في قوة البشر أصلا ادراكها والإحاطة بها ويحظى بها بعض الملائكة المقربين فان الامكان في حق الآدمي محدود والإمكان في حق الملك محدود الى غاية في الكمال بالإضافة كما أنه في حق البهيمة محدود الى غاية في النقصان وإنما الله سبحانه هو الذي لا يتناهى العلم في حقه ويفارق علمنا علم الحق تبارك وتعالى في شيئين أحدهما انتفاء النهاية عنه والآخر أن العلوم ليست في حقه بالقوة والامكان الذي ينتظر خروجه بالوجود بل هو بالوجود والحضور فكل ممكن في حقه من الكمال فهو حاضر موجود.
ثم هذه العلوم ما عددناها وما لم نعدها ليست أوائلها خارجة عن القرآن فان جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى وهو بحر الأفعال وقد ذكرنا أنه بحر لا ساحل له وأن البحر لو كان مدادا لكلماته لنفد البحر قبل أن تنفد فمن أفعال الله تعالى وهو بحر الأفعال مثلا الشفاء والمرض كما قال الله تعالى حكاية عن ابراهيم عليه السلام واذا مرضت فهو يشفين وهذا الفعل الواحد لا يعرفه الا من عرف الطب بكماله اذ لا معنى للطب الا معرفة المرض بكماله وعلاماته ومعرفة الشفاء وأسبابه ومن افعاله تبارك وتعالى تقدير معرفة الشمس والقمر ومنازلهما بحسبان وقد قال الله تعالى الشمس والقمر بحسبان وقال وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب وقال وخسف القمر وجمع الشمس والقمر وقال يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وقال والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم.
ولا يعرف حقيقة سير الشمس والقمر بحسبان وخسوفهما وولوج الليل في النهار وكيفية تكور أحدهما على الآخر الا من عرف هيئات تركيب السموات والأرض وهو علم برأسه.
ولا يعرف كمال معنى قوله تعالى يا أيها الانسان ما غرك بربك الكريم الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك الا من عرف تشريح الأعضاء من الانسان ظاهرا وباطنا وعددها وأنواعها وحكمتها ومنافعها وقد أشار في القرآن في مواضع اليها وهي من علوم الأولين والآخرين وفي القرآن مجامع علم الأولين والآخرين.
وكذلك لا يعرف كمال معنى قوله تعالى سويته ونفخت فيه من روحي من لم يعلم التسوية والنفخ والروح ووراءها علوم غامضة يغفل عن طلبها أكثر الخلق وربما لا يفهمونها ان سمعوها من العالم بها ولو ذهبت أفصل ما تدل عليه آيات القرآن من تفاصيل الأفعال لطال ولا تمكن الاشارة الا الى مجامعها وقد أشرنا اليه حيث ذكرنا أن من جملة معرفة الله تعالى معرفة أفعاله فتلك الجملة تشتمل على هذه التفاصيل وكذلك كل قسم أجملناه لو شعب لانشعب الى تفاصيل كثيرة فتفكر في القرآن والتمس غرائبه لتصادف فيه مجامع علم الأولين والآخرين وجملة أوائله وانما التفكر فيه للتوصل من جملته الى تفصيله وهو البحر الذي لا شاطىء له.